يـدور هذا البحث حول مقولة : ليس بالإمكان أبدع مما كان المنسوبة لأبي حامد الغزالي رحمه الله ، لورود نصوص في كتبه تثبت هذه المقولة التي تعني أن الله تعالى لا يمكنه أن يبدع أو يخلق أبدع من هذا الكون ، لأنه قد أبدعه على أكمل صورة ، إذ لو لم يبدعه على أكمل صورة فإن ذلك يعتبر بخـلاً يناقض الجود الإلهي وعجزاً يناقض الإلهية .
وقد ألف الإمام إبراهيم بن عمر البقاعي مخطوط تهديم الأركان من ليس بالإمكان أبدع مما كان ، لينقض هذه المقولة ويفندها ، ويبرىء الإمام الغزالي من هذه المقولة التي حكم بأنها قد تكون مدسوسة عليه ، أو أنها لو صحت عنه فإنها زلة منه .
وقـد أورد البقاعي في مؤلفه الأدلة على بطلان هذه المقولة ، وعلى بطلان نسبتها للغزالي ، من خلال إيراد نصوص من كتب الغزالي تخالف هذه المقولة فضلاً عن سيرة وحال الغزالي رحمه الله .
وأصل هذه المسألة – كما بين لنا الإمام إبراهيم البقاعي – يعود إلى كل من الفلاسفة القائلين بوحدة الوجود ، أو بأهل الوحدة المطلقة ، الذين يرون أن الله تعالى لا يقدر أن يوجد أبدع من هذا الكون ، لانصراف الإرادة عنه تعالى ، ولعدم تعلق القدرة به ، لأنها لا تتعلق بالمحال ، والفلاسفة القائلين بقدم العالم وكذلك القائلين بالصلاح والأصلح كما هو لدى المعتزلة .
وقد كانت دراستي – في هذا البحث – تقوم على المسألة بين الغزالي والبقاعي من خلال مؤلف البقاعي فقسمت بحثي إلى مقدمة ، وتمهيد ، ترجمت فيه لكل من الغزالي والبقاعي ، ومباحث أربعة ، تحدثت فيها عن بيان المسألة ، ونشأتها ، ونسبتها للغزالي ، ونماذج من أراء العلماء في المسألة بعد الغزالي ، والبقاعي والمسألة ، ثم ختمت بالخاتمة التي تضمنتها أهم النتائج والتوصيات .
وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين