الأعداد السابقة
المجلد :15 العدد : 41 2000
أضف إلى عربة التسوق
تنزيل
إجهاض جنين الاغتصاب في ضوء أحكام الشريعة الإسلامية
المؤلف : د. سعد الدين مسعد هلالي
إجهاض جنين الاغتصاب في ضوء أحكام الشريعة الإسلامية
( دراسة فقهية مقارنة )
د. سعد الدين مسعد هلالي
اتفق الفقهاء على احتساب الإجهاض جناية وعدواناً ، رتب الشارع عليه عقوبة شرعية خاصة ( ِغرَّة : عبد ، أو ليدة ، أو مايعادلهما مع الكفارة – على الصحيح – والحرمان من الميراث ) سواءاً أكان الجاني أجنبياً ، أو أحد الوالدين أو كليهما . واستثنوا من ذلك – على سبيل الترخص لمصلحة الأم – أن تتجه إلى الإجهاض إذا كان بقاء الجنين خطراً عليها .
كما أجمعوا على عدم اعتبار توفر الجناية على الجنين إلا بعد تخلَّقه . واختلفوا في تحديد وقت التخلق : فهو عنمد الإمام مالك يحتسب من اليوم الأول للعلوق .
واشترط الجمهور ظهور بعض علامات التخلق . لأنه في هذا الحال ينفخ فيه الروح وقد بلغ مائة وعشرين يوماً .
ويرى الحنابلة أنه لابد من اكتمال صورة الجنين الادمية .
هذا في الجنين من الزواج المشروع . فهل من فارق بينه وبين جنين الاغتصاب ؟ والجواب : أن المغتصبة لها أن تدفع الصائل – عليها بأي وسيلة ، ولو أدى ذلك إلى إزهاق روحه . فما الذي يمنعها من أن تتخلص من آثار عدوانه .
ورأي الجمهور أنه جناية على الجنين قبل ظهور بعض خلقه ونفخ الروح ، ورأي الجنابلة يشترط تمام التخلق ، فعلى ضوء هذا لا يوجد ما يمنع المغتصبة من إجهاض جنينها ضمن هذه المدة ، رفعاً للحرج ، ودفعاً للآلام النفسية والاجتماعية التي ستعاني منها الأم والمولود معاً ، ولابد - مع هذا الحكم – من مراعاة جملة ضوابط أبرزها :
(1) أن تتحقق حالة الاغتصاب بشروطها الواردة في باب الصيال .
(2) أن يتم الإجهاض فور زوال السبب ( حالة الاغتصاب ) لأن المرأة إذا تأخرت في الإجهاض مع إمكانها رضيت بالحمل وأقرت به ، يدل لذلك ما روي عن عمر ، أنه قال : من أقر بولده طرفة عين فليس له أن ينفيه .
وعن أبي هريرة ، أن النبي
r قال أيما امرأة أدخلت على قوم من ليس منهم فليست من الله في شيء ، ولم يدخلها الله جنته ، وأيما رجل جحد ولده – وهو ينظر إليه – احتجب الله عنه ، وفضحه على رؤوس الأولين والآخرين
(3) أن لا يكون الجنين قد بلغ صورة الآدمي ونفخت فيه الروح ، فإذا استمرت حالة الإكراه حتى بلغ الجنين صورة الآدمي ونفخت فيه الروح ، لم يعد من الجائز الاعتداء عليه ، لأنه أصبح نسمة وخلقاً آخر ، وله أحكام تخصه ، وإن لم تكن له ذمة مستقلة ، ولذلك أطلق عليه فقهاء الحنفية ما هو نفس من وجه دون وجه
(4) أن تتم عملية الإجهاض تحت إشراف طبي مأمون ، مراعاة لسلامة الأم .
(5) أن تكون عملية الإجهاض بطلب من المغتصبة أمام جهة رسمية معنية ، للتأكد من حالة الاغتصاب ، وصحة الإجراءات ولتتبع الجناة .