الشورى نظام مستقل ، وإقحام الديمقراطية علي الإسلام خطأ علمي ، فلا ينبغي أن يقال : ( ديمقراطية الإسلام ) .
أن الشورى الإسلامية قيمة من قيم الإسلام ، وسمة من سمات الجماعة الإسلامية منذ نشأتها الأولى وأمرهم شورى بينهم وهي ركن من أركان نظام الحكم في الإسلام وشاورهم في الأمر ، وقد طبقها الرسول في كل ما لم ينزل فيه وحي محكم من أمور الجماعة ، في كل أحوالها وأنشطتها ، واقتدى به الخلفاء الراشدون الأربعة .
وطبقت في العهود التالية في كل أمور الدولة ، ما عدا تولي الخلافة ، وتولية الأمراء وتعيين ولاة للعهد بدلاً من اختيار الخلفاء بالشورى .
نشأت الشورى الإسلامية مع نشأة الإسلام ، فهي تشريع إسلامي شأنه شأن تشريعات الإسـلام الأخرى ، بخلاف الديمقراطية التي كافحت الشعوب وصارعت من أجلها أحياناً بالسلم ، وأخرى بالدماء ، منذ أقدم العصور ، ولم يظهر لها تطبيق فعلى إلا في وسط القرن الخامس قبل الميـلاد ، ثم اندثرت ردحاً طويلاً من الزمن ، ثم عادت الشعوب تكافح من أجلها ، ولم تتبلور وتأخذ دستورها وتكاملها إلا في الإعلان الفرنسي لحقوق الإنسان ، في عهد نابليون وعقبه .
اكتسبت الشورى مشروعيتها من نصوص القرآن التي تضمنت سمات الجماعة الإسلامية ، وأمر الله للرسول بها ، وتطبيقات الرسول والخلفاء الراشدين .
القول الراجـح : إن الأمر بالشورى للوجوب ، وإن الحاكم الذي لا يستشير يجب عزله ، وكذلك حجية الشورى ، فما تسفر عنه الشورى والمشورة حجة شرعية يجب الالتزام بها ، وقد ثبت التزام الرسول والراشدين بالشورى .
صورة مجالس الشورى لم يحددها الإسلام ، وأهداف الشورى متعددة ، ومن أهمها : تسديد الحاكم ، ومراقبة أحوال المسؤولين في الدولــة ، ومحاسبتهم ، وتحمل الأمة للمسؤوليـة بجانب الحكام ، وإطلاعهم على شؤون وأمور الدولة ، واشتراكهم في اتخاذ القرار ، فلا يبقى مـجال للصراع والتفرق والتنازع ، بل سلام وتعاون ، وتطور وحرية وإخاء ، وأمان ، وإحقاق للحق ، وإبطال للباطل .
بين الشورى والديمقراطية بعض أوجه الخلاف والتناقض ، وبينهما بعض أوجه الاشتراك والتشابه ، وأن بعض الأوجه ممكن أن تستفيدها الشورى من الديمقراطية ، وأخرى تستفيدها الديمقراطية من الشورى الإسلامية .