الأعداد السابقة
المجلد :8 العدد : 21 1993
أضف إلى عربة التسوق
تنزيل
شخصية المسلم بين الفردية الاجتماعية
المؤلف : د. السيد محمد السيد نوح
شخصية المسلم بين الفردية الاجتماعية
على ضوء الكتاب والسنة
د. السيد محمد السيد نوح
إن النفس الإنسانية مؤلفة من طائفة من الغرائز : تشبه الخطوط الدقيقة المتقابلة المتوازية ، كل غريزتين منها متجاورتان في هذه النفس ، وهما في الوقت ذاته مختلفتان في الاتجاه : الخوف والرجاء ، الحب والكره ، الاتجاه إلى الواقع والاتجاه إلى الخيال ، الاستعلاء والتواضع ، الشدة واللين ، وهلم جرا .
كما أن لهذه الغرائز الكامنة في داخل النفس الإنسانية دوراً بارزاً في حياة الإنسان ، إذا هي عملت جميعاً – كل واحدة في المجال الذي يناسبها – دون أن تطغي إحداها على الأخرى ، إنها حينئذ تعينه على أن يحقق السيادة في الأرض ، في ظل العبودية الحقة لله رب العالمين .
إن الفردية والجماعية هما أهم هذه الغرائز ورأسها ، إن عملتا بتوازن وتناسق ، عملت باقي الغرائز ، وإن أهملتا أو عطلتا ، أهملت أو عطلت كذلك باقي الغرائز .
إن لكل من الفردية والجماعية دوراً إيجابياً ، وآخر سلبياً على كيان الإنسان ، وفي واقع الحياة ، والتربية الواعية المتأنية هي التي تحاول إبراز الإيجابيات وتجنب السلبيات .
الإسلام وحده هو المنهج القادر على إشباع كل من الفردية والجماعية عند الإنسان ، بل وتحقيق التوازن والانسجام بينهما ، بحيث لا تطغى إحداهما على الأخرى ، ولم لا يكون كذلك ، وهو حكم الله ؟ [[ ومن أحسن من الله حكماً لقوم يوقنون ]] ، أنزله ليكون هداية للإنسان الذي هو خلق الله [[ ألا يعلم من خلق وهو اللطيف الخبير ]] .
لا بد لصلاح النفس الإنسانية من تحقيق التوازن والانسجام بين الفردية والجماعية : خالط الناس ودينك لا تكلمنه .
إن تحقيق هذا التوازن وذلك الانسجام ليس أمراً سهلاً ، ولا صعباً ، إذ قد برز إلى الوجود بصورة عملية في حياة الرعيل الأول من المسلمين ، وما وقع ولو مرة واحدة يمكن أن يتكرر مرة ومرة ، شريطة أن تكون هناك الجدية والمجاهدة [[ والذين جاهدوا فينا لنهدينهم سبلنا وإن الله لمع المحسنين ]] ، والاقتداء والتآسي [[ لقد كان لكم في رسول اللع أسوة حسنة لمن كان يرجوا الله واليوم الآخر وذكر الله كثيراً ]] .
وفي ضوء هذه النتائج أذكر نفسي ، وكل معنى بهذا الأمر ، أعني : أمر إيجاد الشخصية المسلمة الجامعة ، والتي شعارها في هذه الحياة : [[ قل إن صلاتي ونسكي ومحياى ومماتى لله رب العالمين ، لا شريك له وبذلك أمرت وأنا أول المسلمين ]] .
بضرورة دراسة شخصية المسلم بين كل غريزتين من الغرائز التي تتألف منها هذه الشخصية على النحو في هذه الدراسة .