الأعداد السابقة
المجلد :8 العدد : 19 1993
أضف إلى عربة التسوق
تنزيل
هبة الآباء لأبنائهم حال الحياة
المؤلف : د. إيناس عباس إبراهيم
هبة الآباء لأبنائهم حال الحياة
د. إيناس عباس إبراهيم
بالنسبة لهبة الآباء لأبنائهم حال الحياة فإن الآراء المختارة من أقوال الفقهاء ، هي أن تسوية الأب بين أولاده في الهبة واجبة ، فإن فاضل بينهم أو وهب بعضهم جميع ماله فهو مفسوخ ، إلا أن يكون هناك معنى يقتضي أن يفاضل بينهم ، أو يخص بعضهم دون بعض .
وأن التسوية تكون بأحد أمرين ، إما رد ما فضل به الولد ، أو إتمام نصيب الآخر ، وأن كيفية التسوية المستحبة هي أن يسوي بين الذكر والأنثى .
وإنما وجب أن يسوي الأب بين أولاده دون سائر أقاربه للخبر ، وليس غيرهم من الأقارب في معناهم ، لأنهم استووا في بر والدهم ، فاستووا في عطيته .
وبهذا علل النبي
– صلى الله عليه وسلم – حين قال لبشير : أيسرك أن يستووا في برك ؟ قال : نعم ، قال : فسوِّ بينهم ، ولم يوجد هذا في غيرهم .
ولأن للوالد الرجوع فيما أعطى ولده ، فيمكنه أن يسوي بينهم في الرجوع بما أعطاه لبعضهم ، ولا يمكن ذلك في غيرهم ، ولأن الأولاد لشدة محبة الوالد لهم ، وصرفه ماله إليهم عادة يتنافسون في ذلك ، ويشتد عليهم تفضيل بعضهم ، ولا يساويهم في ذلك غيرهم ، فلا يصح قياسه عليهم .
وأن للوالد حق الرجوع في هبته لوالده ، والواقع أن استثناء الأب بحق الرجوع ليس في الحقيقة رجوعاً ، لأن الولد وماله لأبيه ، وعلى تقدير كونه رجوعاً فربما اقتضته مصلحة التأديب أو غيرها من أمور قد تعرض للأب ويضطره احتياجه للرجوع .
وتلحق الأم في جميع هذه الأحكام بالأب ، لأن لفظ الوالد يشملها ، ولا ستوائهما في نفس المعنى .
على أن الشريعة كما راعت جانب الأبوين فأباحت لهما الرجوع لمصلحة أو ضرورة راعت - أيضاً - جانب الأبناء فجعلت حق الرجوع ليس مطلقاً ، بل هو مقيد بما لا يلحق بهم ضرراً بليغاً ، وهو المعبر عنه بموانع الرجوع ، وبذلك تكتمل ضمانات الاستقرار الذي تنشده الشريعة بين أفرد الأسرة الواحدة .