3 - فمنهم من اكتفى بهذا المعنى اللغوي : فقالوا : إن العبادة هي الخضوع ، أو الطاعة مع الخضوع في الشرع .
وبدراسة هذا الموضوع يتضح أنه ليس جامعاً في تحديد معنى العبادة التي جعل الشارع توجيهها لغير الله شركاً لا يغتفر .
4 - ومعظم المفسرين لم يجدوا كلمة الخضوع أو الطاعة مع الخضوع كافية في معنى العبادة ، ثم انقسموا إلى عدة أقسام :
أ - إن العبادة ليست إلا الخضوع لله تعالى فقط ، حتى لا يسمى الخضوع لغير الله عبادة ، وبدراسة هذا الموضوع اتضح أن هذا المعنى لا يشمل ما نهى الله عنه من عبادة غير الله ، فيعتبر المعنى غير جامع .
ب - إن مجرد الخضوع لا يعتبر عبادة إلا إذا كان مصحوباً بالتعظيم ، حتى إذا ما كان الخضوع عن غير التعظيم لا يسمى عبادة .
ج - إن الخضوع والتعظيم لا يكفيان في تحديد معنى العبادة ، وإنما لا بد أن يكون تعظيماً لا يدرك الخاضع كنهه .
وأضاف البعض على ذلك أن يعتقد الخاضع في المعبود سلطة لا حد لها .
د - إن الخضوع وحده لا يسمى عبادة ، وإنما لكي يكون عبادة لا بد أن يصاحبه الحب ، فالعبادة هي منتهى الحب ، ومنتهى الخضوع ، ولا يكفي أحدهما في تحقيق معنى العبادة .
وبالنظر في هذا التعريف اتضح أنه غير جامع لكل أفراد العبادة .
5 - إن العبادة تأتي غالباً في الشرع بمعنيين :
أ - معنى الخضوع : فالقرآن عندما يستخدم كلمة العبادة بمعنى الخضوع فإنما يقصد توجيه الحياة والأنشطة كلها لله تعالى ، فمن خضع لغير الله كان فاسقاً عاصياً ، ولكنه ليس مشركاً شركاً لا يغفره الله له .
ب - معنى الخضوع مع التأله : أن يكون الخضوع عن اعتقاد بأن المعبود يملك السلطة والسيطرة .. الخ فوق الأسباب المادية ، فمن خضع لغير الله بهذا المعنى كان مشركاً .
6 - والخضوع عملية نفسية تنعكس على الجوارح في شكل الطاعات والقربات والشعائر ، فمن توجه بالطاعات والقربات إلى غير الله دون الاعتقادات التي ذكرناها لم يكن مشركا ، أما من توجه بالشعائر إلى غير الله فيعد مشركاً ، حتى لو كان ذلك دون الاعتقادات الآنفة الذكر ، وكذلك إذا أقر لغير الله ( بشكل مستقل ) بحق التحريم والحليل في أمور الدين .
ذلك لأنها لا توجه عاده ولا يعقل توجيهها إلا عن ذلك الاعتقاد .