الأعداد السابقة
المجلد :4 العدد : 9 1987
أضف إلى عربة التسوق
تنزيل
السياسة المالية في الدولة الإسلامية
المؤلف : د. عباس حسني
السياسة المالية في الدولة الإسلامية
د. عباس حسني
لما كان التوحيد يهيمن على جميع سياسات الدولة ولما كان التشريع من مقتضى التوحيد فإنه من المسلم به أن جميع سياسات الدولة الإسلامية ومنها السياسة المالية إنما هي من موضوعات الفقه الإسلامي الذي هو بيان للتشريع الإسلامي ، ممن هو أهل لهذا البيان ، فالفقه الإسلامي هو الذي يلجأ إليه لتحديد سياسة الدولة الإسلامية ، ولا مانع من أن يستعين المجتهدون في الفقه الإسلامي بخبراء المال والاقتصاد حتى يتمكنوا من تحديد الحكم الشرعي الملائم لكل أمر من أمور السياسة المالية للدولة ، وهذا أمر طبيعي وضروري لا سيما في المسائل الموسعة ، وهي كثيرة في النظام الاقتصادي الإسلامي ، لأنه من الأمور المتغيرة ولذا فإن المشرع الإسلامي
–
كما ذكرنا من قبل –
لم ينزل للنظام الاقتصادي أحكاماً جزئية تفصيلية إلا فيما ندر ، وإنما أنزل مباديء عامة واسعة .
هذا ومما ينبغي الالتفات إليه - هنا - أن استعانة الفقه الإسلامي بأهل الخبرة في كل فن من فنون الحياة وعلومها أمر مطلوب شرعاً ، لأنه من غير المعقول أن يكون الفقيه عالماً بسائر العلوم ، كعلوم الطبيعة والكيمياء وغيرها ، فمثلاً إذا أردنا أن نعرف حكم مال مستحدث هل هو حرام أم حلال فإن الفقيه يلجأ إلى أهل الخبرة لمعرفة عناصر هذا المال المستحدث حتى يستطيع بعد ذلك أن يبين الحكم الشرعي الصحيح ، فالدخان مثلا لا يمكن الحكم بحله أو تحريمه قبل عرضه على الخبير لتحليله وبيان عناصره ، وإثبات ضررها ، وهذا ما حدث فعلاً مما ترتب عليه إدخال الدخان تحت حكم الخبائث المحرمة بنص الكتاب ، وهكذا .
فالسياسة المالية للدولة الإسلامية
–
شأنها شأن سائر سياسات الدولة –
يبينها الفقهاء مع استعانتهم بأهل الخبرة في شؤون المال والاقتصاد إذا احتاجوا إلى ذلك .