الأعداد السابقة
المجلد :4 العدد : 9 1987
أضف إلى عربة التسوق
تنزيل
التعامل بالربا بين المسلمين وغير المسلمين
المؤلف : د. نزيه حماد
التعامل بالربا بين المسلمين وغير المسلمين
د. نزيه حماد
1 - إن التعامل بالربا بين المسلم وغير المسلم إما أن يقع في حال عدم الأمان بينهما
–
كما إذا دخل الحربي دار الإسلام غير ذمي ولا مستأمن ، أو دخل المسلم دار الحرب من غير أمان أعطيه لدخولها –
وفي هذه الحالة ترجحٍ لدينا عدم جواز إعطاء المسلم الربا للحربي مطلقاً ، ومشروعية أخذ الربا من الحربي قياسا على حل أخذ ماله بطريقة الاغتنام أو السرقة أو القمار أو الغصب .
2 - أما إذا كان هناك أمان بينهما
–
كما إذا دخل المسلم دار الحرب بأمان ، أو أقام الكافر في دار الإسلام بعقد ذمة أو أمان –
ففي هذه الحالة يفرق بين حكم التعامل بالربا بينهما في دار الإسلام وبين حكم التعامل به بينهما في دار الحرب .
3 - فإن اجتمعا بأمان في دار الإسلام ، فقد اتفق الفقهاء على أنه لا يجوز تعامل المسلم مع الذمي والمستأمن بالربا في دار الإسلام ، أخذاً أو إعطاء على حد سواء .
4 - أما إذا كانا في دار الحرب ، فينبغي التميز بين أمرين : إعطاء المسلم الربا إلى الحربي في دار الحرب ، وأخذ الربا منه في دار الحرب .
فأما الأول : فقد اتفقت كلمة الفقهاء على أنه لا يجوز للمسلم الذي دخل دار الحرب بأمان أن يعطي الربا للحربي فيها .
5 - وأما أخذ المسلم الربا من الحربي في دار الحرب بعد ما دخلها بأمان ، فقد اختلف الفقهاء في مشروعيته على قولين ( أحدهما ) لجمهور الفقهاء من الشافعية والمالكة والحنابلة وأبي يوسف والأوزاعي وغيرهم ، وهو أنه لا يحل ذلك شرعاً ( والثاني ) للإمام أبي حنيفة ومن وافقه ، وهو أنه يجوز له أخذ الربا من الحربي في دار الحرب ، وبعد عرضه أدلة الفريقين ومناقشتها بدا لنا رجحان قول جمهور الفقهاء بعدم مشروعيته .
6 - ثم بعد النظر والتأمل في حال العالم اليوم ، وما يسود فيه من تشريعات دولية واتفاقيات ومعاهدات ، ومقارنة ذلك بالتقسيم الفقهي السالف للعالم إلى دار إسلام ودار حرب ، انتهينا إلى القول بأن رأي الإمام أبي حنيفة ومن وافقه
–
لو افترضنا جدلاً رجحانه –
لا يصح تطبيقه على دول العالم الديمقراطية المعاصرة التي لا تدين بالإسلام ( مثل اليابان والنمسا وسويسرا وكندا واستراليا والسويد والنرويج .. الخ ) ، ولا يقبل القول بجواز أخذ المسلم الربا من أهلها إذا دخلها بأمان تخريجاً على مذهبه ، لأن هذه الدول وأمثالها لا تعتبر دار حرب حسب المعايير الشرعية لتلك الدار ، ولو أردنا تصنيفها بالاعتماد على معايير الفقهاء المتقدمين لتقسيم العالم ، لأمكننا إدراجها تحت عنوان دار العهدة أو دار الصلح أو دار الهدنة مع نفي كونها بحالتها الراهنه دار حرب نفياً قاطعاً ، واستبعاد تطبيق الأحكام المتعلقة بدار الحرب عليها بصورة مؤكدة جازمة ، رغم كونها دار كفر وعصيان لله .