فإن غلب على الظن أن الفتاة ستلاقي عنتاً وظلماً بسبب الأعراف والتقاليد السائدة كان إجراء الرتق واجباً ، لما فيه من دفع مفاسد يغلب على الظن وقوعها ، فإن المفسدة المتوقعة بأغلبية الظن تعتبر في حكم الناجزة المحققة ، فإذا غلب وقوع المفسدة ولو في المال جُعلِت كالمفسدة الواقعة ، وإن لم يغلب ذلك على الظن كان إصلاح الغشاء مندوباً ، ولكنه غير واجب ، لما فيه من دفع مفاسد محتملة ، والذي يحددا ما تقدم : طبيعة المجتمع الذي تعيش فيه الفتاة وأعرافه وتقاليده .
2 - إذا كان سبب التمزق وطءاً في عقد النكاح ، كان إجراء الرتق حراماً ، فيحرم إجراؤه لمطلقة أو أرملة ، لأن هذا الفعل لا مصلحة فيه ، ومن باب أولى يحرم إجراؤه لمتزوجة ، لأنه لعب ولهو ، ولا يجوز للطبيب النظر إلى عورة المرأة دون ضرورة أو حاجة .
3 - إذا كان سبب التمزق زنى اشتهر بين الناس ، سواء أكان اشتهاره نتيجة صدور حكم قضائي على الفتاة بالزنى ، أم كان نتيجة تكرار الزنى من الفتاة ، وإعلانها لذلك واشتهارها بالبغاء ، ففي هذه الحالة يحرم على الطبيب رتق غشاء البكارة ، لعدم وجود المصلحة ، ولعدم خلو فعله هذه من المفسدة .
4 - إذا كان سبب التمزق زنى لم يشتهر بين الناس بالمعنى السابق ، كان الطبيب مخيراً في إجراء عملية الرتق أو عدم إجرائها ، وإجراؤها أولى إذا كان ذلك بإمكانه ، لأن فعله هذا من باب الستر ، والستر على العصاة تتناوبه أحكام عدة :
فقد يكون حراما إذا ترتب عليه تضييع حق من حقوق العباد ، وهذا الفعل ليس فيه تضييع لحق أحد كما قد يتوهم .
وقد يكون واجباً إذا ترتب على الإظهار وقوع مفسدة أو معصية ، كما لو كان الشخص وحيداً عندما رأى حادثة الزنى ، فإن بلغ ولم يقر المتهم كان ذلك منه قذفا، وعدم قيام الطبيب بالرتق لا يوقعه في القذف .
ويكون الستر مندوباً إذا تبين أن الذي وقع في المعصية قد ندم ولم يكررها ، ويكون مكروها إذا تبين من العاصي الإصرار وعدم التوبة . فإذا جهل حال العاصي من حيث التوبة وعدمها فمقتضى ما تقدم أن يكون الستر عليه جائزاً ، إلا إذا قلنا بحمل أمر الناس على الصلاح في مجتمع الإسلام ، وأن الأصل فيهم عدم الإصرار على الفسق ، فيكون القول عندئذ باستحبابه .