الأعداد السابقة
المجلد :4 العدد : 8 1987
أضف إلى عربة التسوق
تنزيل
تأويل ثلاث آيات متشابهات
المؤلف : د. أحمد حسن فرحات
تأويل ثلاث آيات متشابهات
د. أحمد حسن فرحات
الآيات – موضوع الدراسة – هي الآية :
[[ إن الذين آمنوا والذين هادوا والنصارى والصابيئن من آمن بالله واليوم الآخر وعمل صلحاً فلهم أجرهم عند ربهم ولا خوف عليهم ولا هم يحزنون ]] البقرة – 62 .
[[ إن الذين آمنوا والذين هادوا والصابئون والنصارى من آمن بالله واليوم الآخر وعمل صلحاً فلا خوف عليهم ولا هم يحزنون ]] المائدة – 69 .
[[ إن الذين آمنوا والذين هادوا والصابئين والنصارى والمجوس والذين أشركوا إن الله يفصل بينهم يوم القيامة إن الله على كل شيء شهيد ]] الحج – 17 .
مقارنة بين الآيات الثلاث :
إن كل آية من الآيات الثلاث تختص بفترة زمنية معينة ، فآية البقرة تتحدث عن الفرق الثلاث ومصيرها قبل بعثة النبي – صلى الله عليه وسلم – ومجيء شريعته الخاتمة الناسخة ، ومن ثم كان مصير أهل هذه الملل الثلاث كمصير المؤمنين بنبوة محمد – صلى الله عليه وسلم – لأن أهلها كانوا مؤمنين بالله واليوم الآخر ، عاملين بمقتضى شرائعهم المنزلة عليهم ، ولم يحرفوا دينهم أو يغيروه ، بل إنهم كانوا يؤمنون بمحمد – صلى الله عليه وسلم – وشريعته كما بشرت به كتبهم ، وكما هو واضح من سبب نزول آية البقرة .
أما آيــة المائدة فإنها تخص فترة ما بعد الإسلام منذ بعثة النبي – صلى الله عليه وسلم – وإلى قيام الساعة ، وهي تبين أن الطوائف الثلاث لم يعد مقبولاً منها بعد مجيء الإسلام إلا الدخول فيه والعمل بشريعته ، لأنه ناسخ لكل ما سبقه ، فالذين استجابوا منهم لذلك كان مصيرهم كمصير المؤمنين من أمة محمد – صلى الله عليه وسلم - .
وأما آية الحج فإنها تختص بيوم القيامة ، ومن ثم ذكر فيها إلى جانب الطوائف الأربع طائفتان ليستا من ضمن الأديان والملل المنزلة من عند الله ، وهما طائفة المجوس وطائفة الذين أشركوا ، لأن يوم القيامة يوم فصل بين الخلائق جميعاً ، ومن ثم ذكر الملل الست التي ينطوي تحتها جميع الناس ، ولم يذكر فيها [[ من آمن بالله واليوم الآخر ]] لأن الإيمان بالله واليوم الآخر لا يمكن أن يكون يوم القيامة ، ولو حصل فإنه لا يقبل .
جاءت الطوائف الثلاث في سورة البقرة معطوفة على [[ الذين آمنوا ]] – اسم إن المنصوب – ومن ثم جاء خبرها واحداً ، لأنهم جميعاً لهم أجرهم عند ربهم ولا خوف عليهم ولا هم يحزنون ، وذلك تأكيداً بأن أهل كل ملة هم على حق في زمن ملتهم ، طالما أنهم ملتزمون بما جاءهم به نبيهم ، وأن جميع الرسالات المنزلة من عند الله في ذلك سواء ، ولهذا كان قوله [[ من آمن بالله واليوم الآخر .. ]] يعود إلى الطوائف الأربع ، لأن المراد به تحري اليقين فيما يتعاطاه الإنسان من أمر دينه ، وهذا مما تستوي فيه الملل الأربع ، وانفردت آية البقرة بقوله : [[ فلهم أجرهم عند ربهم ]] لما جاء في سبب النزول عن سلمان رضي الله عنه من خبر عبادتهم وإيمانهم بالنبي – صلى الله عليه وسلم – وبشارتهم بمجيئه .
أما آية المائدة فقد جاء ا