والقرآن الكريم هو الكتاب الإلهي الوحيد الذي حفظه الله عز وجل من التحريف والتبديل .
فالشريعـة الإسلامية شريعة الحياة الآمنه المستقرة ، ومنهاجها خالد ثابت ، ومن مميزاتها :
أولا : إن هذه الشريعة قائمة على العدل المطلق ، فالله سبحانه وتعالى الذي خلق الكون والخلق يعلم - حق العلم - ما يحقق العدل المطلق ، وكيف يتحقق ، والله سبحانه وتعالى رب الجميع فهو الذي يملك أن يعدل بين الجميع .
إن شرع الله مبرأ من الهوى والميل ، كما أنه مبرأ من الجهل والقصور والغلو والتفريط ، وهذا لا يتوافر في أي قانون من صنع الإنسان ذي الشهوات والميول والضعف ، سواء أكان واضعه فرداً أم طبقة ، أو أمة ، أو جيلاً من أجيال البشر .
ثانيا: وهو منهج متناسق مع ناموس الكون كله ، لأن صاحبه هو صاحب الكون كله ، صانع الكون وصانع الإنسان ، فإذا شرع للإنسان شرع له باعتباره عنصراً كونيا له سيطرة على عناصر كونية مسخرة له بأمر خالقه ، ومن هنا يقع التناسق بين الإنسان وحركة الكون الذي يعيش فيه ، وتأخذ الشريعة التي تنظم حياته طابعاً كونيا ، ويتعامل بها لا مع نفسه فحسب ، ولا مع بني جنسه فحسب ، ولكن مع الأحياء والأشياء في هذا الكون العريض الذي يعيش فيه .
ثالثا: وهو المنهج الوحيد الذي يتحرر فيه الإنسان من العبودية للإنسان ، ففي كل منهج غير المنهج الإسلامي يتخذ الناس بعضهم بعضاً أربابا من دون الله ، ويعبد الناس الناس ، وفي المنهج الإسلامي وحده يخرج الناس من عبادة العباد إلى عبادة رب العباد وحده لا شريك له .
إن الإسلام عندما يجعل حق التشريع لله وحده يخرج الناس من العبودية للبشر ، ويجعلهم أحراراً متساوين لا يحنون جباههم إلا لله ، فالإنسان لا يولد ولا يوجد إلا حيث تحرر رقبته من حكم إنسان مثله .
رابعا: وهو منهج قائم على العلم المنطلق بحقيقة الكائن الإنساني ، والحاجات الإنسانية وبحقيقة الكون الذي يعيش فيه الإنسان ، وبطبيعـة النواميس التي تحكمه وتحكم الكينونة الإنسانية ، ومن ثم لا ينشأ عنه أي تصادم مدمر بين أنواع النشاط الإنساني ، إنما يقع التوازن والاعتدال ، وهذا الأمر لا يتوافر أبدا لمنهج من صنع الإنسان الذي لا يعلم إلا ظاهرا من الأمر ، ولا يعلم إلا الجانب المكشوف من الكون والإنسان والحياة في فترة زمنية معينة .
خامسا: وهو المنهج الذي يوثق عرى الوحدة بين البشر جميعاً ، ولا يفرق بين إنسان وإنسان داخل المجموعة الإنسانية كلها أيا كان موطنه ، إلى الحد الذي تتلاشى فيه الفوارق العنصرية والطبقية فيصبح المجتمع كالفرد الواحد ، تحركه إرادة ، وتديره روح واحدة ، تدفعه إلى غاية مشتركة ، هي السعادة الكلية التي يحظى بالمتاع بها والعيش في كنفها جميع الأفراد على حد سواء ، كمثل أعضاء الجسد الواحد ، يقول الله تعالى [[ إنما المؤمنـون إخوة ]] ، ويقول تعالى [[ إذ كنتم أعداء فألف بين قلوبكم فأصبحتم بنعمته إخوانا ]] .
هذا هو منهج الإسلام الذي يتجه نحو التقاء القوميات على صعيد إنساني ، هو صعيد المبادىء الإنسانية ، والمفاهيم العقائدية التي جاء بها ، ويتجاوز التقسيمات الإقليمية الجغرافية والقبلية والقومية والعنصرية هادفاً للوحدة الإنسانية .